"نظرة خلسة" إلى المقترح المرشح للنهائيات في مسابقة تطوير ميناء مدينة هلسينكي للسوري عبد الحليم عبّاس
قامت بلدية هلسينكي الفنلندية بطرح مسابقة معمارية عالمية لتطوير ميناء المدينة. وهي مسابقة مفتوحة للمعماريين حول العالم من أجل وضع تصوراتهم ومقترحاتهم التصميمية عن رؤيتهم المستقبلية لما يجب أن تكون عليه منطقة الميناء لهذه المدينة العريقة.
لم تحدد المسابقة ماهية المشروع، بل ألقت على كاهل المشاركين مهمة تحديد ذلك. إلا أنها أكدت على أهمية العاملين الإبداعي والاقتصادي بشكلٍ خاص. إذ تتمحور رؤية بلدية هليسنكي حول إنشاء مشروعٍ ذو رمزية ابداعية عالية يميز هذه المدينة عن سواها من جهة، و يحظى بدعم دافعي الضرائب الفنلنديين من حيث كلفته وريعيته من جهةٍ أخرى.
الجدير بالذكر؛ أن المسابقة نفسها في نسختها السابقة كانت قد فشلت في الوصول إلى أيّ نتيجةٍ تذكر من بعد رفض مقترح المعماري الأمريكي/الكندي فرانك جيري في انشاء نسخة عن متحف غوغنهايم الشهير نظراً لكلفته المادية العالية، وضعف مردوده المادي.
وقد تأهل للتصفيات النهائية خمسة مقترحات معمارية رأت الجنة المحكمة فيها ما تبحث عنه؛ من ضمن المرشحين الواصلين لمرحلة التصفيات النهائية المعمار السوري الشاب عبد الحليم عبّاس والذي قدم مقترحه تحت عنوان "أخت البلطيق...شقيقة البحر" والذي خصّ به المعمار المتميز جمهور موقع البوابة العربية للأخبار المعمارية بـ "نظرة خلسة" لمقترحه المميز من خلال عرض "ما يمكن عرضه حالياً" بحسب قوانين المسابقة التي تمنع المرشحين من الكشف عن كامل تفاصيل مشاريعهم قبل النتائج النهائية.
تتمحور فكرة المقترح التصميمي الذي تقدم به عباس حول تسمية قديمة لمدينة هليسنكي وهي "أخت البلطيق"، رأى فيها المعمار "مفردات ايحائية وأفكار مؤثرة تتركز حول علاقة الانسان بالطبيعة، وانجذابه نحوها، و محاكاتها في كثير من جوانب حياته." على حد تعبيره.
فكما أخبر عبد الحليم عباس موقع البوابة العربية للأخبار المعمارية أنه رأى في البحر "المصدر الثري للإلهام و الإبداع بما فيه من تناقضات؛ تناقضات متكاملة تتمم بعضها بعضاً. ففي البحر غموض ووضوح، نور وظلام، هدوء وصخب، لين وقوة، وما إلى ذلك من صفات ورموز أسست لرؤياي المعمارية لما يجب أن يكون عليه التصميم المزمع تقديمه."
من حيث الوظيفة، ارتأى المعمار أن تكون منطقة الميناء منطقة تجارية وترفيهية تضم أسواقاً شعبية تحاكي بمضمونها الأسواق الفنلندية الكلاسيكية، لتخدّم وتغذي المناطق المحيطة بالميناء، و تجذب كذلك زواراً من مناطق أخرى نظراً لجاذبية المكان وجماليته.
كما اقترح للمنطقة المحيطة بالأسواق منتزهاً بحرياً "يحاكي تضاريس البحر العشوائية المتجددة"؛ بحيث يكون "امتداداً منطقياً وعضوياً للمدينة في تصميمها العمراني وامتداداً روحياً للبحر في رمزيته وتأثيره." بحسب تصريحات عباس للبوابة.
شكلياً وتكوينياً اعتمد المقترح على فكرة الكتل البسيطة الدوارة في محاكاةٍ لـ"التكوين العشوائي لموج البحر وتقلباته"، وذلك بشكل كتل مكعبة تدور 20 درجة عند كل 5 أمتار، تتباعد أحياناً لخلق مسارات ضوئية وبصرية خارجية، وتتقارب أحياناً أخرى لتشكّل امتداداً أفقياً يوحي بالاستمرارية والتناغم.
يشرح عباس "استخدمت في التصميم تقنية فصل المخطط عن الهيكل، و ذلك من أجل اعطاء المشروع مزيد من العملانية والبساطة من حيث الوظيفة، مع مزيد من المرونة والحرية من حيث الشكل."
بالنسبة للمساحات المفتوحة المحيطة بالسوق؛ خصصها المقترح كمنتزه بحري يتشكل نتيجة للامتداد البصري والنحتي لإنشاء السوق؛ حيث يبدأ التكوين الشكلي لـ "الموجة/ السوق" بالاختفاء تدريجياً والاندماج مع تضاريس المنتزه، أو تنشأ في مواقع أخرى من المشروع من خلال التقاطع بين شبكتين؛ احداهما طبيعية "البحر"، والأخرى عمرانية "المدينة"، وذلك من أجل خلق أكبر اندماج ممكن بين المدينة والميناء.
وبحسب ما أخبرنا عباس فإن "مشروع "موجة أخرى من البلطيق" قد لا يتناغم في شكله أو مظهره مع الطابع المعماري لمدينة هليسنكي الضاربة في التاريخ والمغرقة في الحضارة؛ لكنه رغم ذلك يتكامل روحياً وعضوياً مع البلطيق؛ ذلك البحر الذي وجد قبل المدينة بالآف السنين، فشكّل عصبها وأثّر في طبيعة من سكن فيها."
Add Your Comments